متابعة – محمود السيد
تحلل حركة “حماس” لقطر ما تحرمه على سائر الدول العربية بما في ذلك السلطة الفلسطينية، فما تعتبره “خيانة” في العلاقات مع إسرائيل تصفه بـ”الجهد المبارك” عندما تقوم به الدوحة.
ووجدت هذه السياسة “الحمساوية” ترجمة واضحة على الأرض في تبرير عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق لاتصالات ورحلات قطر السرية إلى تل أبيب، في وقت انتقدت فيه معاهدة السلام المعلنة للإمارات والبحرين مع إسرائيل.
أبو مرزوق الذي كان يتحدث إلى قناة “فرانس 24” من مدينة إسطنبول التركية، زعم أن قطر تحاول مساعدة الشعب الفلسطيني بطرق مختلفة، ولا يمكن تحقيق ذلك وتحديداً في قطاع غزة، إلا عبر إسرائيل، ولذلك بالضرورة هي تتواصل مع تل أبيب.
ولم تتوقف الاتصالات السرية للنظام القطري مع إسرائيل على مدى أكثر من عقدين، ولكنها تكثف في السنوات الماضية تحت ستار تقديم المساعدات لحركة “حماس” في غزة.
فالسفير في وزارة الخارجية القطرية محمد العمادي زار إسرائيل مرات لا تحصى في السنوات الماضية قبل أن يصل إلى غزة حاملا حقائب الدولارات الأمريكية.
لكن “حماس”، التي توجه انتقاداتها الحادة لكل طرف عربي يجري اتصالا مع إسرائيل بما في ذلك السلطة الفلسطينية، لا تجد غضاضة في هذه الاتصالات القطرية مع تل أبيب وإن كانت لا تخفي أن العمادي عادة ما كان يصل إلى غزة حاملا اشتراطات إسرائيلية.
وقال أبو مرزوق: “الموقف الإسرائيلي يأتي دائماً بأنه يشترط للمساعدات، بأن يكون هناك هدوء، وبالتالي يكون هناك مقابل للمساعدات، وهناك اشتراطات لذلك تفتح المعابر، ويزود القطاع بالطاقة والبترول والكهرباء، وهي مسؤولية تل أبيب بالضرورة، وقطر تقف مساعدة للشعب الفلسطيني في غزة”.
ما لم يقله أبو مرزوق هو أن هذا الحراك القطري يأتي بتعليمات إسرائيلية وأمريكية بهدف إبقاء الانقسام الفلسطيني.
وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية النقاب عن زيارات قام بها رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين إلى الدوحة لتوجيه النظام القطري بدفع أموال لحركة “حماس”.
ووفقاً للتقارير نفسها فإن دفع الأموال يهدف لشراء الهدوء في غزة إما لتسهيل مهمة فوز بنيامين نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية أو لإخماد الانتقادات الشعبية الإسرائيلية ضد الحكومة مع استمرار إطلاق البالونات الحارقة والقذائف الصاروخية من غزة.
غير أن مسؤولا فلسطينيا رفيع المستوى أن النظام القطري يدفع الأموال في غزة تنفيذا لتعليمات أمريكية.
وبالفعل، تم التأكيد ضمنيا على دفع الأموال في البيان المشترك الذي صدر الخميس في نهاية الحوار الاستراتيجي الثالث بين الولايات المتحدة وقطر.
وجاء في الإعلان المشترك: “تشاطر الولايات المتحدة قطر قلقها بشأن الوضع الإنساني في غزة والحاجة إلى خطوات ملموسة لتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية”.
وغاب كليا عن البيان المشترك قيام دولة فلسطينية أو حدود 1967 أو القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
ولكن حضرت في البيان صفقة القرن إذ جاء فيه: “آفاق حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على النحو المبين في الرؤية الأمريكية للسلام”.
والرؤية الأمريكية للسلام هي صفقة القرن التي رفضها الفلسطينيون.
وبعد مرور ساعات طويلة على صدور هذا البيان لا تزال “حماس” صامتة إلى الآن.
وفي التاسع من فبراير الماضي، أعلن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بلاده باشرت برسم الخرائط لضم الأراضي في الضفة الغربية، بحسب خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، المعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن”.
لكن منذ أغسطس الماضي نجح الإعلان عن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل برعاية أمريكية في إيقاف فوري لخطة الضم، التي كانت ستبتلع مساحة واسعة من الأراضي الفلسطينية.